
اليوم وأنا أتابع الأخبار المحلية عن ما يجري في سورية على المستوى المحلي فوجئت بشكاوى أهالي عفرين من الظلم الذي يتعرضون اليه من قبل السلطات المحلية من نهب وقتل و ابتزاز للأهالي ، بالإضافة إلى ورود أنباء عن صدور قانون أو قرار محلي في منطقة عفرين يقضي بمصادرة الأراضي والعقارات التي يُزعم “عدم عائدية ملكيتها لأحد”، مع تكليف من يثبت لاحقًا ملكيته لهذه الأراضي بتقديم أدلة تثبت نسبتها إليه شخصيًا، وذلك من خلال إجراءات معقدة ومجحفة.
وقد تزامن هذا مع إنشاء ما يُعرف بـ “المكتب الاقتصادي”، الذي أُنيطت به مهام إدارة هذه الأملاك والتصرف بها، الأمر الذي أثار مخاوف قانونية وحقوقية واسعة من أن يكون هذا المكتب غطاءً لعمليات استيلاء ممنهجة على الأراضي والممتلكات الخاصة، بما في ذلك أشجار الزيتون التي تُعد مصدر رزقٍ رئيسي لأهالي المنطقة منذ أجيال.
من الناحية القانونية، فإن هذا الإجراء يُعد انتهاكًا صريحًا للحق في الملكية الخاصة المنصوص عليه في الدستور السوري، وكذلك في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وعلى رأسها المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن:
“لكل شخص حق في التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره، ولا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفًا.”
كما أن فرض عبء الإثبات الكامل على المالكين الذين هجّروا قسرًا بسبب الحرب والدمار يُعد تعسفًا في استعمال السلطة، خصوصًا وأن غالبية الأملاك في منطقة عفرين تعود ملكيتها للأجداد والآباء، ولم يتم نقلها رسميًا إلى الأبناء بسبب القانون رقم 49 لعام 2000 والقانون رقم 41 لعام 2011 المتعلق بالمناطق الحدودية في سورية، والذي كان يقيد عمليات البيع والتملك والنقل العقاري.
وبالتالي، فإن استخدام هذا الواقع القانوني لتبرير المصادرة يُشكل تحايلاً على القانون ومساسًا خطيرًا بمبدأ سيادة الحق والعدالة.
ومن الناحية الحقوقية، فإن مثل هذه الممارسات تفتح الباب أمام انتهاكات جماعية لحقوق السكان الأصليين، وتهدد النسيج الاجتماعي في المنطقة من خلال تجريد الأهالي من مصادر رزقهم وأراضيهم، في وقتٍ يعيش فيه الكثير منهم في الشتات أو النزوح القسري نتيجة الحرب والاضطرابات الأمنية.
لذلك، فإننا نهيب بالجهات المعنية وأصحاب القرار، سواء على المستويين المحلي أو الدولي، إلى:
1. التدخل العاجل لوقف تنفيذ مثل هذه القرارات المخالفة لأبسط مبادئ العدالة والملكية الفردية.
2. تشكيل لجنة قانونية مستقلة للتحقيق في أعمال المكتب الاقتصادي، والتأكد من قانونية إجراءاته وشفافيتها.
3. إصدار تشريعات ضامنة لحقوق المالكين الأصليين، وخاصة أولئك الذين تعذر عليهم العودة أو تقديم الوثائق بسبب ظروف الحرب.
4. إعادة النظر في تطبيق قانون المناطق الحدودية رقم 49 لعام 2000, والمرسوم التشريعي رقم 41 لعام 2011 بما ينسجم مع واقع اليوم ويحمي حقوق المواطنين.
إن حماية الملكية الخاصة هي حجر الأساس لأي نظام قانوني عادل، والمسّ بها تحت أي ذريعة يفتح الباب أمام فوضى قانونية واقتصادية واجتماعية يصعب احتواؤها لاحقًا.
فالأرض ليست مجرد عقارٍ يُسجّل أو يُصادر، بل هي هوية وانتماء وذاكرة أجيال، ومن الظلم أن تُختزل في معاملةٍ إدارية أو مكتبٍ اقتصادي يتاجر بحقوق الناس.
كما أتوجه بنداء خاص إلى مكتب الجمهورية في دمشق بسرعة التحرك اتجاه هذا العمل غير القانوني الذي سوف يكون سبباً رئيسياً لإحداث أزمات عرقية وطائفية جديدة سورية بغنى عنها..
م. محمد ابراهيم علي




