
المكونات السورية نحو سوريا للجميع
دعونا نتناول هذه المصطلحات الثلاثة فقط لا غير:
التعددية، العدالة، والمشاركة، فهي تمثل مطلباً مشتركاً وأساسياً لجميع المكونات التي تشكل النسيج السوري.
ولتكتمِل الصورة، لا بد أن نُضيف مصطلحاً رابعاً لا يقل أهمية ألا وهو: المكونات السورية.
أولاً : المكونات السورية
يتكون المجتمع السوري، منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا من نسيج إنساني وثقافي غني ومتنوع .
ألوان هذا المجتمع متعددة، ولا يمكن بأي حال اختزاله في لون واحد أو قومية واحدة.
فهو وطن يحتضن بين أبنائه قوميات عديدة منها: العربية، والكردية والسريانية والآشورية، وغيرها، ولكل قومية لغتها الخاصة، وثقافتها المتميزة، وتراثها العريق.
ورغم اختلاف الموروثات والانتماءات يجتمع الجميع على هدف مشترك: الانتماء للوطن، والرغبة في العيش الكريم المشترك.
وهذا التعدد ثروة وطنية يجب الاعتراف بها وحمايتها وصيانتها.
وقد أثبت التاريخ أن هذه الثروة لم تتمكن أي من الحكومات المتعاقبة على حكم سوريا من إلغائها أو تهميشها، ولن تستطيع ذلك.
فوجود هذه المكونات تاريخي وأصيل، وهو أحد أبرز وجوه الهوية السورية.
ثانياً : التعددية
الحديث عن المكونات يقودنا بالضرورة إلى التعددية، وهي المبدأ الذي يضمن الاعتراف الحقيقي بالتنوع داخل المجتمع.
أن تكون حاكماً لدولة مثل سوريا فهذا يقتضي أن تُقِرّ
دستورياً وقانونياً بأن هذا الوطن لا يُبنى على لون واحد، ولا على قومية واحدة، بل على شراكة عادلة بين جميع مكوناته.
تجاهل هذا التعدد يعني إلغاء مبدأ المساواة ومفهوم المواطنة.
أما الاعتراف به، فهو أساس الاستقرار ومصدر قوة لا ضعف.
فهذا التعدد هو أحد مصادر القوة التي تتفاخر بها الدول الراقية، ومصدر فخر واعتزاز لها.
ثالثاً : العدالة
تطبيق التعددية يقودنا إلى العدالة وهي ليست مجرد مفهوم اجتماعي، بل دعامة أساسية لبناء الدولة.
فبوجود العدالة، نضمن الكرامة الإنسانية ونوفر بيئة يسودها الاستقرار والحرية.
العدالة هي المدخل الحقيقي لتكريس المواطنة المتساوية، التي تعني أن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الطائفة.
فهي احدى سمات المجتمعات الناجحة والمتقدمة.
رابعاً : المشاركة
أما المشاركة، فهي التتويج العملي لتطبيق كل ما سبق.
ففي دولة تعترف بتنوعها، وتُكرس العدالة بين مواطنيها، يصبح من الطبيعي أن يشارك الجميع في بناء الوطن من مختلف الزوايا: السياسية، الاقتصادية، الثقافية، الاجتماعية، والدينية.
هذه المشاركة تنهي فكرة الانفراد بالسلطة، وتعزز تداولها بشكل سلمي وديمقراطي.
عندها نصل إلى سوريا الجديدة
سوريا للجميع، سوريا القانون والدستور
سوريا التي لا تُقصي أحداً.
ومن هذا المنطلق، فإن مطالبة المكونات بحقوقها، وتثبيتها في الدستور، ليست فقط حقًا مشروعاً ،بل هي حق وطني أصيل وجزء من معادلة الإنصاف وبناء الثقة.
وأخيراً :
من خلال تبنّي هذه المفاهيم الأربعة: المكونات، التعددية، العدالة، والمشاركة، تستطيع سوريا أن تؤسس لدولة عادلة حديثة، تُنصف جميع أبنائها دون تمييز، وتُعيد بناء وحدتها على أسس الشراكة الحقيقية.
يبقى السؤال الأهم:
-متى يتبنّى حكام دمشق الجدد هذه المبادئ؟
-وهل تحتاج هذه المبادئ إلى محادثات طويلة ومؤتمرات لا تنتهي؟
-وهل نحتاج إلى دول خارجية لمساعدتنا في تطبيق ما يجب أن يكون بديهياً في وطننا؟
فـالتغيير، عندما يكون شكلياً ، لا يعني سوى تمهيد الطريق لحكم ديكتاتوري جديد يرتدي قناعاً مختلفاً .
فمتى يكون التغيير جوهرياً ؟
المحامي رشيد عيسو
Rashid Isso




