
نظراً لورود الكثير من الأسئلة والإستفسارات عن ماهية الإتحاد وضرورات تأسيسه، ننشر لكم مقدمة التأسيس في المادة الأولى من الباب الأول للأحكام العامة في النظام الأساسي لاتحاد المحامين الكورد .
مقدمة التأسيس:
منذ الأزل، لم يكن للحقوق أن تبقى وتعلو وتزدهر دون حمايتها والدفاع المستمر عنها، فهي لا تكتسب قيمتها الحقيقية إلا بوجود إرادة قوية تصونها. فالحق يرتبط دائماً بالقوة التي تذود عنه وتعزز وجوده.
عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، تضمنت معاهدة سيفر أحكاماً تُقرّ بحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره، واضعةً بذلك اللبنات الأساسية لإنشاء دولة كوردية مستقلة. إلا أن معاهدة لوزان اللاحقة تجاهلت ونكرت هذه الأسس والثوابت القانونية، مؤكدةً على تقسيم كردستان بين عدة دول. ومنذ ذلك الحين، اتبعت هذه الدول سياسات ممنهجة تمثلت في القمع والإنكار والحرمان، مما أدى إلى انتهاك حقوق الشعب الكوردي وحرمانه من حقوقه الإنسانية الأساسية. وقد تسبب هذا التقسيم وما صاحبه من سياسات قمعية على مدى قرن من الزمن في تشتت الهوية الوطنية الكوردية وحرمان الشعب الكوردي من حقه المشروع في الحفاظ على كينونته الثقافية والسياسية والاجتماعية.
مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، تصاعدت التهديدات الوجودية للشعب الكوردي في غرب كردستان، وتفاقمت مع احتلال القوات التركية لمناطق كوردية، مثل عفرين وكري سبي وسري كانيه، إلى جانب استمرار التهديدات للمناطق الكوردية الأخرى. وتشهد هذه المناطق غياباً كليا للقانون وأدوات سيادته، تقابله فوضى وجملة كبيرة من الانتهاكات والجرائم الممنهجة، لعل أبرزها يتمثل في سياسات التغيير الديمغرافي وبناء المستوطنات، وإعادة التوطين القسري، ما يمثل اعتداءً صارخاً على حقوق الشعب الكوردي ومعالمه الثقافية بهدف طمس الهوية الكوردية وإضعاف الوجود الكوردي.
هنا وانطلاقاً من الواجب الوطني والمسؤولية القانونية، ومع السعي لتوحيد جهود القانونيين الكورد في الشتات، أصبح التصدي للتحديات التي تهدد الوجود الكوردي ضرورة ملحّة. إذ لم يعد التهديد مقتصراً على انتهاك الحقوق، بل تجاوز ذلك ليصبح تهديداً لوجود الشعب الكوردي وكيانه.
وانطلاقاً من هذا الإحساس العميق بالمسؤولية، قررنا إطلاق مبادرة وطنية وتأسيس اتحاد قانوني على المستوى الدولي يهدف إلى الدفاع عن حقوق الشعب الكوردي، وخاصةً في المناطق التي تحتلها تركيا منذ عام ٢٠١٨. وتحتم علينا المسؤولية التاريخية إرساء أسس قانونية متينة تشكّل قاعدة لانطلاقة هذا العمل القانوني، بما يهيّئ الجيل الكوردي القانوني الناشئ في المهجر لتسلم زمام المبادرة، ورفع راية القضية، وإيصال صوت الشعب الكوردي إلى المحافل الدولية، سعياً لتحقيق حل عادل للقضية الكوردية.
تعد القضية الكوردية قضية شعب أصيل يعيش على أرضه التاريخية ويعاني من الاحتلال، ولهذا الشعب الحق الطبيعي في تقرير المصير، وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، والقوانين والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وفي هذا السياق، اتفق نحو خمسين محامياً ومحامية من ذوي الخبرة على تأسيس “اتحاد المحامين الكورد”، ككيان قانوني موحّد يُعنى بالقضايا الكوردستانية عامة، ويركّز بشكل خاص على الوضع في غرب كوردستان، إضافة إلى متابعة الشأن السوري العام.
ويهدف الاتحاد إلى كشف الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكوردي في جميع المناطق، وتدويل القضية الكوردية في المحافل الدولية من منظور قانوني، فضلاً عن تقديم التقارير القانونية ودعم موقف الشعب الكوردي.
نحن ملتزمون بالعمل وفقاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وبناء شراكات واسعة مع المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية. ونسعى إلى بناء مؤسسة قوية ومستدامة قادرة على تحقيق أهدافها على المدى الطويل.
ألمانيا في ١ كانون الأول ٢٠٢٤.




