حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة وفق القانون الدولي الإنساني 
عبد الكريم حسن
آخرون يقرأون الآن

مقدمة 

منذ سقوط النظام السوري السابق واندلاع الاشتباكات في محيط سد تشرين في الآونة الأخيرة، فقد ثلاثة صحفيين كرد حياتهم وأصيب آخرون جراء هجمات الدولة التركية وفصائلها المسلحة ، بالتزامن مع تهديدات حقيقية على حياة الصحفيين والصحفيات الكرد من قبل الدولة التركية وفصائلها. 

في عالم يشهد تحولات سريعة وصراعات مستمرة، يظل الإعلام أداة حيوية لنقل الحقيقة وتوثيق الأحداث، خاصة في فترات الحروب والنزاعات المسلحة. فالصحفيون الذين يعملون في مناطق الأزمات يلعبون دوراً أساسياً في نقل تفاصيل المعاناة والدمار الناجم عن الحروب. وتعتبر حرية الصحافة أحد الحقوق الأساسية التي تضمنها المواثيق الدولية، ويعد الصحفيون خط الدفاع الأول عن هذه الحرية، خصوصاً في فترات الحروب والنزاعات المسلحة. ومع ذلك، فإن عملهم في هذه الظروف يتسم بالمخاطر الكبيرة التي تهدد حياتهم باستمرار، حيث يتعرض الصحفيون في مناطق النزاع لتهديدات مباشرة قد تشمل الاستهداف من الأطراف المتنازعة، الاعتقال التعسفي، التعذيب، وحتى القتل في بعض الأحيان. مما يجعل مهنة الصحافة في هذه المناطق واحدة من أخطر الوظائف، إذ يخاطر الصحفيون بحياتهم الجسدية والنفسية من أجل نقل الحقيقة للعالم. 

ورغم وجود قوانين دولية لحماية المدنيين والصحفيين أثناء الحروب مثل القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وقرار مجلس الأمن 1738 الذي ينص على حمايتهم أثناء النزاعات المسلحة، إلا أن تطبيق هذه القوانين يواجه صعوبات كبيرة. فعادة ما تشهد مناطق النزاع انتهاكات مستمرة لهذه القوانين من قبل الأطراف المتنازعة، بالإضافة إلى ضعف أو تقاعس المجتمع الدولي عن ضمان تنفيذ هذه المعايير. نتيجة لهذه التحديات، يحتاج الصحفيون إلى استراتيجيات حماية فعّالة تضمن لهم العمل في بيئات آمنة وتقيهم من المخاطر التي تهدد حياتهم. 

من بين القوانين المهمة التي تحمي الصحفيين في النزاعات المسلحة تأتي اتفاقيات جنيف، التي تعتبر الصحفيين أفراداً محميين وتعترف بحقهم في تغطية الأحداث دون التعرض للأذى. ورغم ذلك، يبقى تطبيق هذه القوانين عملياً صعباً في ظل الأوضاع الميدانية المعقدة والظروف القاسية التي يعيشها الصحفيون في مناطق الحرب. كما أن غياب آليات فعّالة لتطبيق هذه القوانين يعزز من استمرار انتهاك حقوق الصحفيين ويعرض حياتهم لمزيد من الخطر. 

إن توفير الحماية القانونية للصحفيين لا يقتصر فقط على ضمان أمانهم الشخصي، بل يشمل أيضاً ضمان حق المجتمع الدولي في الاطلاع على الحقائق وتوثيق الانتهاكات الإنسانية في مناطق النزاع. لذلك، يعد تعزيز تطبيق القوانين الدولية مثل اتفاقيات جنيف وقرار مجلس الأمن أمراً بالغ الأهمية. وتستدعي هذه القضية ضرورة مراجعة السياسات الدولية الخاصة بحماية الصحفيين في الحروب والنزاعات المسلحة، والعمل على إيجاد حلول عملية للتحديات التي يواجهونها. 

وهذا ما سنوضحه في هذه الكتابة التي ستنقسم إلى: 

ماهية القانون الدولي الإنساني 

تعريف الصحفيين في المعاهدات والمواثيق الدولية 

الحماية القانونية الدولية للصحفيين في القانون الدولي الإنساني 

المسؤولية الدولية عن الانتهاكات وحماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة 

حقوق والتزامات الصحفيين في النزاعات المسلحة 

إحصائيات من الانتهاكات التي لحقت صحفيين الكرد في الآونة الأخيرة  

ماهية القانون الدولي الإنساني؟ 

القانون الدولي الإنساني هو أحد فروع القانون الدولي العام، ويقصد به: مجموعة القواعد الدولية الموضوعة بمقتضى معاهدات أو الأعراف والمخصصة بالتحديد لحل المشاكل ذات الصفة الإنسانية الناجمة مباشرة عن المنازعات المسلحة الدولية، والتي تحدد حق أطراف النزاع في اللجوء إلى ما يختارونه من أساليب أو وسائل للقتال، وتحمي الأشخاص والممتلكات التي تصاب بسبب النزاع. وأول استخدام لتعبير “القانون الدولي الإنساني” قد جاء من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي عقدت دورتها الأولى في جنيف عام 1972. 

تعريف الصحفيين في المعاهدات والمواثيق الدولية 

لقد خلت الاتفاقيات الدولية التي تعرضت لحماية الصحفيين من أي تعريف للصحفي، حيث لم تعرف اللوائح الخاصة بقوانين وأعراف الحرب البرية الملحقة باتفاقيتي لاهاي لعام 1899 و1907 من هم مراسلو الصحف الذين يرافقون القوات المسلحة والمنصوص عليهم في المادة (13)، كما نصت المادة 81 من اتفاقية جنيف لعام 1929 على المراسل الحربي دون أن تُعطى أي تعريف له، شأنها شأن الاتفاقيتين السابقتين. 

كما أن اتفاقية جنيف الثالثة لعام 1949 بشأن معاملة أسرى الحرب نصت في المادة (4- أ- 4) على المراسلين الحربيين الذين يرافقون القوات المسلحة دون أن يكونوا جزءاً منها، دون أن تُعطى تعريفاً للصحفي. والأمر ذاته بالنسبة للمادة 79 من البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977 والتي لم يرد فيها أيضاً بيان مفهوم الصحفي أو تعريف له. 

إلا أن أول تعريف وضع للصحفي أو المراسل الحربي هو الذي تضمنته المادة (1/2) من مشروع اتفاقية الأمم المتحدة لحماية الصحفيين الذين يقومون بمهام خطرة في مناطق النزاع المسلح واستُبدلت بنص المادة 79 الواردة في البروتوكول الإضافي الأول لعام 1977م، حيث جاء فيها: “كل مراسل أو مخبر صحافي، ومصور تلفزيوني، ومصور فوتوغرافي، ومساعدوهم الفنيون في السينما، والإذاعة، والتلفزيون الذين يمارسون النشاط المذكور بشكل معتاد بوصفها مهنتهم الأساسية.” 

أما فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية والمعاهدات المنظمة لمهنة الصحافة والإعلام، فقد نص مشروع الاتفاقية الدولية لحرية الإعلام على تعريف للمراسل الصحفي، في مادته السابعة الفقرة (د)، على أنه يقصد بالمراسل “أحد مواطني دولة متعاقدة أو أي شخص تستخدمه وكالة أنباء تابعة لدولة متعاقدة ويعمل في كلا الحالتين بانتظام في جمع المواد الإخبارية وتقريرها، ويمنحه جواز سفره المعتمد أو أي وثيقة أخرى مماثلة مقبولة دولياً صفة المراسل في حالة وجوده خارج البلد الذي ينتمي إليه بحكم صنيعته.” 

ويعرف قاموس القانون الدولي الإنساني في زمن النزاعات المسلحة الصحفي بأنه “الشخص الذي يسعى للحصول على المعلومات أو يقوم بالتعليق عليها أو يستخدمها لغرض نشرها في الصحافة أو الإذاعة أو على الشاشة أو مساعديهم.” 

الحماية القانونية الدولية للصحفيين في القانون الدولي الإنساني 

منذ بداية التاريخ الإنساني وحتى عهد القوانين الدولية التي تحكم النزاعات المسلحة بصفة عامة، كان المحاربون أحراراً في أن يقتلوا كافة ما عداهم، سواء أكانوا أفراداً في القوات المسلحة أم لا، وأن يعاملوا أعداءهم على النحو الذي يرونه مناسباً. كثيراً ما أعملوا السيف ذبحاً في الرجال والنساء والأطفال، وكثيراً ما بيعوا في الأسواق لحساب المنتصرين، دون أن تكون هناك انعكاسات أخلاقية أو قانونية تعارض مثل هذه السلوكيات. وبدأ الحال كذلك حتى بدأت المسيرة الحقيقية للقانون الدولي الإنساني فرعيه الكبيرين: 

الفرع الأول: ويتضمن القواعد التي تتعلق بإدارة الحروب وتحديد وسائل الحرب والأسلحة التي يمكن استخدامها في هذه الحروب، ومحاولة التخفيف من آثارها بحيث لا تتجاوز الضرورة العسكرية. وهذا الفرع يعرف بـ (لاهاي). 

الفرع الثاني: ويتضمن القواعد التي تتعلق بحماية ضحايا الحروب وتوفير الاحترام الواجب والمعاملة الإنسانية لهم بعد أن أصبحوا خارج دائرة النزاع. وهذا العرف يعرف بـ (قانون جنيف). 

حيث إن الصحفيين ورجال الإعلام يمكن أن يكونوا من بين ضحايا النزاع المسلح، وتاريخ الصحافة يثبت ذلك. لذلك، فإن حمايتهم تدخل في إطار الفرع الثاني من القانون الدولي الإنساني (جنيف). 

وقد استطاع المجتمع الدولي بالفعل محاولة التوصل إلى إقرار هذه الحماية الدولية للصحفيين من خلال مرحلتين أساسيتين: 

المرحلة الأولى: مرحلة منح الحماية الدولية للصحفيين المعتمدين فقط، وهي مرحلة ما قبل عام 1977. 

المرحلة الثانية: وهي مرحلة منح الحماية الدولية للصحفيين المعتمدين وغير المعتمدين، وهي مرحلة ما بعد عام 1977. 

أولاً: الحماية القانونية الدولية للصحفيين قبل بروتوكول عام 1977 

إن الرصد الأول لمحاولات وضع وفرض حماية قانونية دولية للصحفيين قبل بروتوكول جنيف لعام 1977، والمناسبة الأولى لاهتمام القانون الدولي الإنساني بالصحفيين ووضع حماية قانونية دولية لهم وتقنين أعمالهم كانت بموجب اللائحة المرفقة باتفاقية (لاهاي) الرابعة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية التي انعقد مؤتمرها الدولي في لاهاي في 18 تشرين الأول عام 1907. وقد تضمنت الاتفاقية سالفة الذكر وفي الفصل الثاني من القسم الأول منها، المادة الثالثة عشرة التي تنص على أنه: “يعامل الأشخاص الذين يرافقون الجيش دون أن يكونوا في الواقع جزءاً منه كالمراسلين الصحفيين ومتعهدي التموين الذين يقعون في قبضة العدو – ويُعلن له حجزهم – كأسرى حرب، شريطة أن يكون لديهم تصريح من السلطة العسكرية للجيش الذي يرافقونه”. 

كما أن قانون المنازعات المسلحة يعكس منذ مدة ليست بالقصيرة الاهتمام بالوضع الخاص للصحفيين المكلفين بمهام خطرة. 

ففي اتفاقية جنيف المؤرخة في 27 تموز 1929، حيث خصصت القسم السابع منها والمكون من المادة (81) فقط لبيان تطبيق أحكام الاتفاقية على بعض طوائف المدنيين ومنهم المراسلون أو المحققون الصحفيون، وأعطتهم الحكم نفسه الذي تضمنته من قبل اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية المنعقدة في لاهاي 1907، وهو معاملة هؤلاء الصحفيين الذين يقعون في قبضة العدو كأسرى حرب. وقد جاء هذا النص كما يلي: “الأفراد الذين يتبعون القوات المسلحة دون أن يكونوا جزءاً منها، مثل المراسلين أو المحققين الصحفيين ومتعهدي التموين والموردين الذين يقعون في قبضة العدو ويُعلن له حجزهم يعاملون كأسرى حرب شريطة أن يكونوا مزودين بتصريح من السلطة.” 

ثانيًا: الحماية القانونية الدولية للصحفيين بعد بروتوكول عام 1977 

بدأت هذه المرحلة الجديدة بعد عقد اتفاقيات جنيف الأربع في عام 1949، حيث طرحت مسألة تحسين حماية الصحفيين أثناء المهام الخطرة مرات عديدة، وعلى مستويات مختلفة، وانشغلت بهذا الأمر بعض المؤسسات الدولية، ومنها الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي مداخلة أثناء النقاش الذي طرح عام 1970، اقترح وزير الخارجية الفرنسي السيد “موريس شومان” على الأمم المتحدة أن تقوم بمبادرة في مجال الحماية الدولية للصحفيين، واقتنعت الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الاقتراح، وبناءً عليه دعت في توصيتها رقم 2673 الصادرة في 9 كانون الأول/ 1970 لجنة حقوق الإنسان من خلال المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى إعداد مشروع اتفاقية خاصة لتأمين الحماية الدولية الإنسانية للصحفيين في المهام الخطرة. 

وبذلك ظهر على ساحة القانون الدولي الإنساني فكرة إعداد مشروع اتفاقية خاصة لحماية الصحفيين. وتحقيقاً لهذه الفكرة، قدمت لجنة حقوق الإنسان مشروعات متعاقبة في شكل اتفاقيات دولية في دورتي مؤتمر الخبراء الحكوميين لإبداء الرأي، وقد رحب معظم المشاركين بهذا الاقتراح وتقديم حماية خاصة للصحفيين نظراً لأهمية الأخبار التي يقدمها الصحفيون حول الأحداث أثناء النزاع المسلح. وعندما انعقد المؤتمر الدبلوماسي حول تأكيد وتطوير القانون الدولي الإنساني المطبق في النزاعات المسلحة في الفترة من 1974 إلى 1977، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إبداء الرأي حول المشروعات التي أعدتها لجنة حقوق الإنسان. وقد استجاب المؤتمر لهذا الأمر ولكن بطريقة غير متوقعة، وهو رفض هذه الاتفاقية الخاصة، واعتبار أن حماية الصحفيين في المهام الخطرة يجب أن تعالج في نطاق وثائق القانون الدولي الإنساني، شأنها في ذلك شأن حماية بعض الطوائف الأخرى. لذلك، نكون في غير حاجة إلى اتفاقية جديدة خاصة بالصحفيين، وانتهى الأمر إلى أن اتفاقيات حقوق الإنسان ومواثيق حقوق الإنسان التي سبق للمجتمع الدولي أن أقرها في حقبة سابقة تكفي لحماية الصحفيين. مع أننا نرى أن طبيعة مهنة الصحافة وظروف عمل الصحفي الزمانية والمكانية تحتاج إلى نظم حماية خاصة أثناء النزاعات المسلحة. 

وإتمامًا لهذا الرأي، اقترحت مجموعة العمل على اللجنة الأولى في المؤتمر مشروع مادة خاصة بحماية الصحفيين، سواء كانوا معتمدين لدى السلطة العسكرية أم لا، وتدخل ضمن نصوص الملحق الأول الخاص بالنزاعات الدولية المسلحة. وقد توجت هذه المحاولة بالنجاح حيث وافقت على ذلك اللجنة الأولى. 

المسؤولية الدولية عن الانتهاكات وحماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة 

لقد حددت نصوص البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 المسؤولية القانونية المترتبة عن انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني، بما فيها قواعد حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة. وتنشأ المسؤولية الدولية نتيجة إخلال أو خرق أحد أطراف القانون الدولي لقواعده، والاعتداء على الأشخاص المحميين أثناء النزاعات المسلحة. 

وتتمثل القواعد في أن مسؤولية الدولة عن أفعالها غير المشروعة أثناء النزاعات المسلحة هي مسؤولية أقرتها نصوص القانون الدولي الإنساني، حيث أشارت إليها اتفاقية لاهاي لسنة 1907، التي تضمنت قواعد وأعراف الحرب البرية، بنصها في الفقرة الثانية من المادة الثالثة: “يكون الطرف المتحارب مسؤولاً عن جميع الأعمال التي يرتكبها الأشخاص المنتمون إلى قواته المسلحة”، وهو ما أكدت عليه المادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977، التي نصت على أن يُسأل طرف النزاع عن كافة الأعمال التي يقترفها الأشخاص الذين يشكلون جزءاً من قواته المسلحة. 

وعلى هذا الأساس، تنشأ المسؤولية الدولية التي تُثار في مجال قواعد القانون الدولي الإنساني الخاصة بحماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة عندما يقوم أحد أطراف النزاع بانتهاك الالتزامات الدولية في هذا المجال أثناء العمليات القتالية والعسكرية، مخالفًا بذلك القواعد القانونية الدولية التي تمنح وتقرر حماية الصحفيين ومقراتهم أثناء النزاعات المسلحة. 

ويترتب على ثبوت مسؤولية الدولة نتيجة الإخلال بقواعد حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة توقيع الجزاء الدولي الذي تقرره قواعد القانون الدولي الإنساني. استناداً إلى ذلك، يجب على الدولة المسؤولة عن انتهاك قواعد حماية الصحفيين أن تكف عن هذا الفعل غير المشروع إذا كان مستمراً، وأن تقدم الضمانات الملائمة بعدم تكرار ذلك. كما يتعين عليها أن تقوم بجبر كامل الخسارة الناجمة عن الفعل غير المشروع دولياً، إما بإعادة الحال إلى ما كان عليه أو بدفع تعويض نقدي إذا تعذر ذلك. 

حقوق والتزامات الصحفيين في النزاعات المسلحة 

إن حقوق الصحفيين ليست امتيازات فئوية أو حقوقاً خاصة بل هي حقوق عامة يمارسها الصحفيون نيابة عن المجتمع بهدف النهوض برسالة الصحافة في كشف الحقائق وتبصير الرأي العام. ويمكن إيجاز هذه الحقوق في النقاط الثلاث التالية: 

حق الصحفي في الحصول على المعلومات. 

عدم جواز إجبار الصحفيين على إفشاء مصادر معلوماتهم. 

عدم جواز توقيف الصحفيين في قضايا الرأي العام. 

إلى جانب هذه الحقوق، فإن القانون الدولي الإنساني يفرض على جميع طوائف المدنيين، بما فيهم الصحفيون، التزامات معينة، حيث يحظر عليهم المشاركة في القتال والأعمال العدائية، وكذا الالتزام بعدم استخدام وسائل الإعلام في الدعاية والتحريض على الحرب، بالإضافة إلى تأمين كافة المعدات اللازمة للوقاية. كما يلتزم الصحفي بأخلاقيات مهنة الصحافة وآدابها. 

الانتهاكات التي لحقت الصحفيين الكرد في شمال وشرق سوريا في الآونة الأخيرة 

منذ اندلاع الثورة السورية وبدء الاشتباكات في روجافا في شمال و شمال شرق سوريا، فقد 30 صحفيين كرد حياتهم أثناء تغطيتهم الإعلامية في شمال وشرق سوريا و روجافا نتيجة الهجمات التركية وفصائلها المسلحة الجوية والبرية، وهجمات تنظيم داعش الإرهابي على مناطق روجافا في شمال وشمال شرق سوريا. هؤلاء الصحفيون لم يكونوا سوى عين العالم لمشاهدة الحقيقة فيما يجري من اشتباكات وانتهاكات تُرتكب من قبل تنظيم داعش الإرهابي والدولة التركية وفصائلها المسلحة. وهوية هؤلاء الصحفيين كالتالي: 

مظلوم باكوك ، وهو اول صحفي فقد حياته في شمال وشرق سوريا خلال تغطيته لعملية فتح ،الممر الإنساني، بين روجافا وشنكال في 28 أيلول 2014 

ريوان زاغروس، عضو إعلام وحدات حماية الشعب، فقد حياته في 21 كانون الأول عام 2014 في قرية فلسطين التابعة لبلدة جزعة  

باهوز حوران ، فقد حياته خلال تغطيته لحمله تحرير مدينة كوباني من تنظيم داعش في الـ 1 كانون الثاني 2015. 

آكري يلماز ، فقدت حياتها أثناء تغطيتها لحملة تحرير كوباني من تنظيم داعش، في قرية خان مامد، في الـ 13 من نيسان 2015. 

أرين جودي ، فقدت حياتها إثر انفجار لغم في منطقة الهول التابعة للحسكة أثناء عملها الصحفي 2016. 

آرام جان ،فقد حياته خلال تغطيته لحملة تحرير مدينة منبج من تنظيم داعش في الـ 2 من حزيران 2016. 

مصطفى محمد شكري ، فقد حياته خلال متابعته لحملة تحرير منبج من تنظيم داعش في الـ 19 تموز 2016. 

– رستم جيلو ، فقد حياته إثر قصف جيش التركي لمناطق الشهباء في 11 تشرين الثاني 2016. 

أيلول نوهلات ، فقدت حياتها في مناطق الشهباء خلال متابعتها لحملة تحرير قرى ريف شهباء من الفصائل المسلحة في الـ 20 تشرين الثاني 2016. 

محمد أكسوي ، فقد حياته في صبيحة الـ 26 من شهر أيلول 2017، نتيجة هجوم تنظيم داعش على مواقع وحدات حماية الشعب. 

غريب ولات، فقد حياته خلال تغطيته لحملة تحرير مدينة الرقة في ال21 نيسان 2017 

ريوان كينجو، فقد حياته إثر قصف على قرية قره جوغ في مدينة ديرك في الـ 25 من نيسان 2017 

حقي باكوك ، فقد حياته خلال قصف الجيش التركي على جبل قره جوغ في الـ 25 من نيسان 2017. 

شيلان ، فقدت حياتها خلال قصف الجيش التركي على جبال قره جوغ بناحية ديرك في الـ 25 نيسان 2017 

دليشان ايبش ، فقدت حياتها إثر هجوم انتحاري لتنظيم داعش على طريق الخرافي في دير الزور في 12 تشرين الأول 2017. 

هوكر محمد ، فقد حياته إثر هجوم انتحاري لتنظيم داعش على طريق الخرافي في دير الزور في 12 تشرين الأول 2017. 

رزكار ادانميش ، فقد حياته خلال متابعته لتغطية حملة ريف دير الزور في 18 كانون الأول 2017، متأثراً بإصابة في الهجوم الذي نفذه تنظيم داعش في 12 تشرين الأول. 

تولهلدان ولات ، فقد حياته إثر قصف الجيش التركي على منطقة عفرين في 23 كانون الثاني 2018. 

اسماعيل خليل وكان إعلامياً لقوات سوريا الديمقراطية وفقد حياته في الـ 29 كانون الثاني 2018. 

روهندا عفرين عضوة إعلام وحدات حماية المرأة فقدت حياتها في مدينة جندريسة 2018. 

سعد محمد سعيد شيخموس الأحمد، وكالة أنباء هاوار، في 13 تشرين الأول 2019. إثر قصف الجيش التركي. 

محمد حسين رشو مراسل لفضائية جرا تيفي الإيزيدية، فقد حياته خلال تغطيته للقافلة المدنية المتجة لدعم مقاومة سري كانيه في 13 تشرين الأول 2019 بقصف الجيش التركي 

دلوفان كفر ، فقدت حياتها خلال توثيقها لهجمات الجيش التركي على قرى كري سبي في 13 تشرين الأول 2019. 

ولات (وداد اردمجي) فقد حياته إثر قصف جيش التركي على مدينة سري كانيه في الـ 10 من تشرين الأول 2019 

عصام عبد الله مراسل وكالة أنباء هاوار فقد حياته خلال توثيقه لقصف جيش التركي على قرية تقل بقل بناحية ديرك في 20 تشرين الثاني 2022.. 

نجم الدين فيصل الحاج سنان عامل في قناة (جين تي في) تعرض لقصف بمسيرة تركية على طريق قامشلو – عامودا في 23 آب عام 2023. 

الصحفي والكاتب سيد أفران، فقد حياته في الـ 22 من أيلول 2023، الذي كان يعاني من مرضٍ في القلب ويتلقّى العلاج في المستشفى منذ فترةٍ طويلة. 

جيهان بلكين، ، فقدت حياتها في هجوم مباشر شنه الجيش التركي عبر طائرة مسيّرة على الطريق الواصل بين سد تشرين ومدينة صرين جنوب مدينة كوباني، في 19 كانون الأول 2024. 

الصحفي ناظم داشتان ، فقد حياته رفقة جيهان بلكين، في هجوم مباشر شنه الجيش التركي عبر طائرة مسيّرة على الطريق الواصل بين سد تشرين ومدينة صرين جنوب مدينة كوباني، في 19 كانون الأول 2024. 

عكيد روج ، فقد حياته خلال تغطيته لمقاومة سد تشرين في ال15 من شباط 2025 

الخاتمة والتوصية 

وفي الختام، يتضح أن حماية الصحفيين في النزاعات المسلحة ليست مجرد ضرورة قانونية، بل هي مسؤولية أخلاقية تتطلب من المجتمع الدولي تكثيف الجهود من أجل تعزيزها، إذ تعتبر من الأولويات الإنسانية التي يجب أن تحظى بمزيد من الاهتمام. فالصحفيون هم ناقلو الحقيقة ومؤرخو الأحداث، ويتحملون مسؤولية كبيرة في توثيق معاناة الشعوب ونقل واقع الحروب التي تبقى مخفية عن الأنظار. ورغم الاتفاقيات الدولية التي تهدف لحماية الصحفيين، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، وما زالت هناك ثغرات قانونية وأمنية تهدد حياتهم. 

إن ضمان حماية الصحفيين في ظل النزاعات المسلحة يتطلب تضافر الجهود على المستوى الدولي والمحلي، مع تشديد العقوبات على الأطراف التي تنتهك حقوقهم. كما يجب أن تظل حرية الصحافة مبدأً أساسيًا لا يجوز المساس به، لأن تقدم الإنسانية لا يتحقق إلا بوجود صحافة حرة ومستقلة. ولذلك، فإن تعزيز آليات حماية الصحفيين وتوفير بيئات عمل آمنة لهم، بالإضافة إلى تفعيل الإجراءات القانونية الرادعة ضد انتهاكات حقوقهم، يعد أمرًا بالغ الأهمية. 

وفي هذا السياق، يتعين على المجتمع الدولي ووكالات الإعلام التعاون لضمان تطبيق القوانين المتعلقة بحماية الصحفيين، بما يسهم في الحفاظ على حرية الصحافة وحق الجمهور في الحصول على المعلومات. لأن تعزيز الحماية القانونية للصحفيين ليس فقط حماية لحق الإنسان في حرية التعبير، بل هو خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة الإنسانية في مناطق النزاع. وأخيرًا، تظل رسالة الصحافة قائمة، مهما كانت التحديات، في نقل الحقائق ومساندة القيم الإنسانية، ولن يكون لها أثر إيجابي إلا إذا تمكن الصحفيون من أداء رسالتهم بأمان واستقلالية، بعيدًا عن التهديدات والضغوط. 

المراجع 

الدكتور باسم خلف العساف ، حماية الصحفيين اثناء النزاعات المسلحة ،دار زهران للنشر والتوزيع ، الطبعة الأولة ، 2010 

ألكسندر بالجي جالوا ، حماية الصحفيين ووسائل الإعلام في أوقات النزاع المسلح 

الدكتور زايد علي زايد الغواري ، حماية الصحفيين اثناء النزاعات المسلحة 

هيثم عمران ، باحث قانوني ، الحماية القانونية للصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة ، دار المرصد المصري للصحافة والإعلام 

معمر نعيمي ، حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة ، رسالة ماجستير ، جامعة محمد خيضر ، الجزائر  

الدكتور سامي محمد عبد العال ، الحماية القانونية للإعلاميين في منظور القانون الدولي الإنساني ، المؤتمر العلمي الرابع ، الإعلام والحقوق . 

الدكتور مفيد عبد الجليل الصلاحي ، حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة في ضوء القانون الدولي الإنساني ، المؤتمر العلمي الرابع ، الإعلام والحقوق . 

فريست كالسهوفن ، ليزابيت تسغفلند / المدخل الى القانون الدولي الإنساني / اللجنة الدولية للصليب الأحمر  

الدكتور محمود السيد حسن داود ، الحماية الدولية للصحفيين في القانون الدولي الإنساني والفقه الإسلامي، المجلة المصرية للقانون الدولي ، العدد 59 ، لعام 2003  

الاتحاد الإعلام الحر في شمال وشرق سوريا  

وكالة هاوار للأنباء ANHA  

اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها  

عبد الكريم حسن – طالب في كلية الحقوق