
الحزام_العربي ( Zinarê Erebî ) هو مصطلح تم استخدامه منذ صدوره للإيحاء بحملات التعريب التي مارستها حكومة البعث في سورية حيث اتّبعت نهجاً قومياً شوفينياً متشدداً في محاولة جادة لإعادة تشكيل التركيبة السكانية في المناطق الحدودية في شمال شرق سورية، وبالأخص في محافظة الحسكة.
ويعرف الحزام العربي بعملية تغيير ديموغرافي متعمدة هدفت إلى تخليص المواطنين الكورد الأصليين أراضيهم وتوطين سكان عرب بدلاً عنهم بهدف تغيير الهوية الثقافية والتركيبة السكانية للمنطقة، اذ يمكن ادراجها في السياسة و وفق منظور القانون الدولي ، بانها تشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بما في ذلك حق الملكية، وحق الهوية الثقافية ، وحظر التهجير القسري .
نصت المادة رقم ( 1)-من العهد الدولي الخاص بحقوق الإنسان المدنية والسياسية ( ICESC ) على ما يلي (يحق لجميع الشعوب تقرير مصيرها بحرية )وهذا الحق يشمل التمتع بثقافتها و هويتها .
ان سياسة الحزام العربي تنتهك هذا الحق من خلال فرض هوية عربية على المناطق الكوردية و تجريد السكان الأصليين من هويتهم الثقافية .
كما ان المادة رقم (12)منه تنص على ضمان حرية اختيار مكان الإقامة، و هذا الحق ايضاً انتهك بعمليات التهجير القسري للكورد الاصليين .
أيضاً المادة رقم (11) من العهد نصت على تكفل الحق في مستوى معيشي لائق بما يشمل السكن ونزع ملكية الأراضي الزراعية وتوزيعها على مستوطنين عرب بدون وجه حق و بذلك يكون الحزام العربي قد انتهك اتفاقية جنيف الرابعه لعام 1949 المادة 49 منهاايضا .
الأهداف السياسية لمشروع الحزام العربي :
في بداية الستينيات بعد انفصال سورية عن مصر ازدادت الهواجس لدى حكم نظام البعث من استغلال الفوارق العرقية والثقافية على الحدود بين سورية وتركيا وخاصةً تلك المناطق التي سكانها من الكورد، وذلك لخصوبة أراضيها الزراعي ومخزونها النفطي، هذا ما كان يرنو إليه النظام لتحقيق أهداف قومية وأمنية.
الأهداف المباشرة وغير المباشرة من مشروع الحزام العربي :
جاء مشروع الحزام العربي بغية تحقيق أهداف منها مباشرة ومنها غير مباشرة يمكن إجمالها بما يلي:
– كسب الأراضي الزراعية الخصبة وفوائدها الاقتصادية لصالح الدولة من خلال تخليصها من السكان الكورد وتسليمها إلى السكان العرب وخاصةً بعد إنشاء سد الفرات وغمر أراضي زراعية بمياه السد .
– تعزيز الهوية العربية في المنطقة الكوردية من خلال تهجير السكان الكورد واستبدالهم بمستوطنين عرب.
– تأمين المناطق الحدودية من التدخلات الخارجية أو أي نشاطات قد يستغل فيها الوجود الكوردي. ان مبادىء الأمم المتحدة بشأن التعويض عن حقّ الضحايا في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بما في ذلك الممتلكات او التعويض عنها. وهذا ما ينطبق على الكورد الذين فقدوا أراضيهم وممتلكاتهم.
من أين جاءت فكرة مشروع الحزام العربي؟
برزت فكرة مشروع الحزام العربي في أوائل الستينيات القرن الماضي من أجل تغيير التركيبة السكانية في منطقة الجزيرة من خلال دراسة أعدها ضابط في وزارة الداخلية محمد طلب هلال عن منطقة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، حيث قام المذكور بإعداد هذه الدراسة وذلك بتجريد الكورد من جنسيتهم السورية وأراضيهم واقترح لذلك المقترحات التالية:
١- اخضاع الشريط الحدودي لقانون خاص بالمناطق الحدودية.
٢- إقامة مزارع جماعية اسماها بالقرى النموذجية لضمان السيطرة الاقتصادية والسياسية.
٣- توطين العرب بدلاً عن سكانها الأصليين من الكورد في المناطق الحدودية وخاصةً تلك التي على طرفيها كورد .
بدأت الحكومة السورية بتنفيذ مشروعها العنصري منذ بداية عام ١٩٧٤ وخاصةً بعد بناء سدّ الفرات وغمر مياه السد لمساحات واسعةً من الأراضي الزراعية في محافظتي حلب والرقة.
وهذا ما خلق ذريعة لدى حكومة البعث بنقل ما يقارب أربعة آلاف عائلة عربية واستيطانها على الشريط الحدودي بطول حوالي ٣٧٥ كم وعمق بدءً من ١٠ كم إلى ١٥ كم، ومن ثم تم إجراء تعديلات بحيث شملت عمق ١٠٠ كم.
كما إن المشروع لم يكتفي بذلك بل تعدى إلى تغيير أسماء القرى والبلدات إلى أسماء عربية، مثل( حرية، وحدة، قحطانية، فلسطين إلخ ).وهذا ما يعتبر انتهاكاً للمادة (15)من العهد الدولي لحقوق الإنسان ( IESCR) الذي تكفل الحق في المشاركة في الحياة الثقافية.
ومن ثم قامت الحكومة بإنشاء مزارع نموذجيّة لهم مزودة بالمياه والكهرباء والحماية الأمنية للمستوطنين وتسليمهم أسلحة للدفاع عن انفسهم، كل ذلك أخذ طابعاً منهجياً لاستبدال الهوية الكردية بالهوية العربية.
أدى ذلك إلى هجرة الكورد من مناطق سكناهم إلى خارج المنطقة وذلك بالهجرات الداخلية ( إلى دمشق، حلب، الرقة إلخ ) أو هجرات خارجية إلى أوروبا أو امريكا.
يعتبر الحزام العربي مثالاً للسياسات العنصرية والشوفينية والقومية المتشددة التي اتبعتها النظام البعثي لتحقيق أهداف عنصرية متشددة، وكانت نتيجتها حرمان مئات الآلاف من العائلات الكوردية من الجنسية السورية والآلاف من الهكتارات من الأراضي الزراعية.
وهذا ما جعل هذه الانتهاكات تندرج تحت انتهاك حق الملكية الخاصة ( المادة 17) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان
لايزال الشغل الشاغل للكورد هو تحقيق العدالة الاجتماعية والمطالبة بإلغاء السياسات العنصرية السابقة وتعويضهم عن ما لحقهم من أضرار جراء ذلك، واستعادة الأراضي إلى أصحابها والاعتراف بحقوقهم الدستورية التي تكفلها لهم كل القوانين والدساتير المتحضرة.
الخاتمة
يعتبر مشروع الحزام العربي في منطقة الجزيرة ظاهرة مركبة تتداخل فيها السياسات الوطنية والقومية مع متطلبات السيطرة الاقتصادية والأمنية، فقد أسست هذه السياسة منهجاً لتغيير الهوية الديمغرافية عبر الوسائل القسرية مما ترك آثاراً عميقة في تغيير البنية السكانية للمنطقة الكوردية وتغيير النسيج الاجتماعي والثقافي للمنطقة.
في ظل التحولات السياسية الحالية التي شهدتها وتشهدها سوريا اليوم، يتوجب على الحكومة الحالية، إعادة النظر في السياسات الشوفينية التي مورست على المواطنين الكورد، وتصحيح المسار التاريخيّ وإصدار دستور متحضر يرفع الغبن عن المواطنين الذين طالما اعتبرت هويتهم القومية هدفاً للتطهير والتهجير.
بقي ان نقول بان ما زاد هم المواطنون الكورد فوق همهم هو تطبيق القانون رقم ١٩٣ وتعديلاته على هذه المناطق الحدودية.
والذي سأورد له بحثاً خاصاً، حول مدى آثاره السلبية على سكان المناطق الحدودية، مؤيداً بالأمثلة الواقعية من معرض قيامي بعملي كمحام.
المحامي محمد ابراهيم علي




